الوسطية والعطاء ..



بقلم | الأستاذة خلود السالمي

نقرأ في القرآن الكريم هذه الآية الكريمة ﴿ولسوفَ يُعطيكَ ربكَ فترضى﴾ نتأمل هذه الآية لنشعُر معها بالرضا والطمأنينة،

فكم مِن كُربةٍ أبكتْ عيوناً
فهوّنها الكريمُ لنا فهانت
وكم مِن حاجةٍ كانت سراباً
أراد اللهُ لُقياها فحانت
وكم ذُقنا المرارة مِن ظروفٍ
برغمِ قساوةِ الأيامِ لانتْ
هي الدنيا لنا فيها شؤونٌ
فإن زيّنتِها بالصبرِ زانتْ

نحزن نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فننسى أن ولينا و ولي حزننا هو ﷲ ،نضيق نحن البشر فننسى أن الأمر كله بيد ﷲ ، ونيأس فننسى أن المعطي هو ﷲ، و سنبقى غارقين في ضعفنا مالم نتيقن أننا تحت ظل ﷲ عزوجل وأقداره .

صفة المعطي لله، والعطاء من أهم النبل التي حثّ عليها الإسلام، وهي إحدى الفضائل الإنسانية التي تعني التضحية بلا شروط ولا أوامر مجردة من الأنانية، وغالباً تكون الأنثى مهتمة كثيراً بالعطاء لِمن هم حولها، لأنّ عاطفتها كبيرة، وكلما شاهدت السعادة على من هم حولها ازدادت فرحاً وزادت في هذا العطاء وربما المبالغة فيه لتزداد مسرتهم، ولأنّ الطبيعي جداً في حياة الإنسان الإنشغال كلّما زادت المسؤولية فحينما تبدأ بالتقصير بالعطاء وجدت الانتقادات وكأنّ لزاماً عليها عدم الاهتمام بالنفس أبداً والانشغال فقط بهم والتخصص لخدمتهم .

ولأنّني بدأت المقال بالآية الكريمة ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) علينا أن نتذكر أيضاً بأنّ الله عزوجل قال ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وبالتالي علينا منذ البداية بأن نلتزم بالوسطية في العطاء وفي كل شي بهذه الحياة، مِنّا نحن البشر من يُعطي ولكن بحذر، وعينيه تسبقه إلى المقابل، وهناك من يعطي بقدر ما يأخذ، كما أنه هناك من يعطي الكثير فقط ليأخذ الكثير، وهناك من يعطي ولا ينتظر جزاء أو مقابل من بعد.

ويجب علينا أن نعلم بأن المصباح يأخذ الطاقة مقابل ما يعطيه من النور.

المشكلة في طبيعة الإنسان أنه حينما يعطي فهو ينتظر مقابل ما فعل أو ربما أكثر، وغالباً ما تكون النتيجة محبطة، لأجل ذلك علينا أن نعلم بأنّ الوسطية فعلاً مطلوبة في العطاء بمبدأ لا ضرر ولا ضرار، كما يجب أن نعلم بأنّ العطاء لا يعني المال، وأن هذا تسطيح لمفهوم العطاء وتبسيط ساذج له، هناك عطاء أثمن قيمة من المال،دعوة في ظهر الغيب عطاء ، وكظم الغيظ عند الغضب عطاء، والعفو عند المقدرة عطاء.

هذه الأمور لا أثمان لها، لأنها لا تُشترى بالمال وبدونها نحن فقراء ولو ملكنا مال العالم أجمع.

ختمة
‏الوسطيَّةُ في الدين،
الوسطيَّةُ في الصحة،
الوسطيَّةُ في العطاء،
الوسطيَّةُ في الأخذ،
الوسطيَّةُ في الحُب !
لا تدخل الوسطيَّةُ في شيء
إلاَّ وتُبهجه،
ولا يدخل الإفراطُ في أمرٍ إلاَّ ويُفسده !