هذا هو الإنسان ..



بقلم | نجد الروقي

كثيراً ما تمار علينا في وسائل التواصل الاجتماعي التي تتناول مواضيع عدة عن طبيعة الإنسان والخوض في أعماقه مع كيفية استخلاص المسببات بصورة عامة .

سأتحدث هذه المرة عن موضوع في غاية الجدية والأهمية بل وتسليط الضوء عليه ضرورة حتمية .

واستنادا إلى ما قمت بالتنويه عنه ببداية المقال قرأتُ منشوراً مر علي بإحدى الوسائل الإلكترونية  فكان يستخلص قوله في إن طبيعة الإنسان نفسها في التفكير يُركز على الأمور السلبية أكثر من الإيجابية وهذا سبب في حدوث الاكتئاب عند البعض .

لنفترض منطقياً بعيداً عن الدراسات العلمية والأبحاث لو أن الطبيعة البشرية بحد ذاتها تنظر من الزاوية السلبية فجميع البشر حينها سيكونون مصابون بالاكتئاب لكن السياق المكاني والبيئي للإنسان أو الظروف المحيطة فيه هي ما تحدد طبيعة تفكير الإنسان كما أن الثقافة ومدى التطور الذي يمر به يلعب دوراً أساسياً في تعزيز تلك النظرة أو تخفيفها .

أما بالنسبة لمرض الاكتئاب، فهو فصل في رواية أو أنه العقاب الذي ظاهره العذاب وباطنه الرحمة وهي ما نقول عنها من زاويتنا المتواضعة محاولة إيقاظ ليتساءل العقل .

وبما أننا ذكرنا تسائل العقل فلابد من وضع الأجوبة، أعلنت منظمة الصحة العالمية في عام ٢٠١٨ بأن ابتداء من عام 2020م سيصبح الاكتئاب ثاني مرض انتشارا على مستوى العالم بل إنه يُعتبر القاتل الثاني بعد أمراض القلب  وهذا يُجيب على تسائل أهميته بل وخطورته  ولكن ماهي مُسبباته ؟

أسبابه بشكل خاص مجهولة ولا لها علاقة بدين أو مكان ولكن بشكل عام والذي دفع كثيير من أخصائيين وعلماء النفس الى البحث عن تفسيرات مُقنعة ودقيقة تُلخص أهم الأسباب فكان لدى آرون بيك الكلمة الاخيرة التي أختصر بها اهم مسببات هذا المرض، ويُعتبر أرون مؤسس العلاج المعرفي في أوائل الستينات كطبيب نفسي في جامعة بنسلفانيا وهو عالم وباحث أمريكي في تحليلات علم النفس سابقاً والمسؤول عن ثوّرة الدراسات العلمية في الاكتئاب .

وقد خاض أرون حرب وتصارع ذاتي في أثبات أبحاثه ودراساته التي لاقت بالنهاية نتائج عكسية ولكن سرعان ماوجد الحل عن طريق التفكير بشكل عام وبالمسمى الذي أطلقه العلاج المعرفي وينص على أن الافكار والمشاعر جميعها مُرتبطة بالسلوك، كمثالاً حي لنفترض معاً أن هنالك طالب استنتج أستنتاجاً عشوائيا في أن مستواه الدراسي مُنخفض ولا يستطيع حل بعض المسائل مثل بعض أصدقاءة فتصبح هذه الأفكار والتفسيرات التي يقوم بها الشخص بمرور الوقت ويكررها كثيرًا ، أشكالًا نمطية وجامدة حول تصورهم لما يحدث لهم، وهذا مايعاني منه مرضى الاكتئاب من النظرة السلبية في الحياة وهي ماتتحكم في سلوكهم فدفع أرون المرضى الى النظر الى تأويلاتهم السلبية عن ذواتهم على انها ليست واقعية وإنما أفتراضيات وهمية قابلة لتغيير كطريقة لعلاجهم من خلال التفكير .

وهذا ماجعلني أتذكر حديثي مع إحدى الصديقات التي كانت مصابة بالاكتئاب سابقاً فكانت طريقتها بالعلاج مُشابهه بل ومستند بشكلاً كامل على العلاج المعرفي والجدير بالذكر بأنه لم يكن لديها علم بهذا العلاج ولم تسمع عنه .

وأخيرا، إذا تركنا التفاصيل جانباً وحاولنا تأصيل المشكلة وجدنا جميع أسباب الاكتئاب تنتهي إلى سبب واحد وهو التفكير، وعلى الرغم بأن الانسان يُعتبر معجزة المخلوقات الا أنه اضعف المخلوقات عندما يكون التفكير هو مايُحدد طريقة نجاته أو تعاسته.