بلا مذاق !



بقلم | شاهيناز سمان

مر عليها وقت طويل ، وكأنها ذُهلت عن مسك القلم ، تناثرت من حولها الحروف بالألوف وكأنها لم تألف الحرف يوماً ولم تعانقها بمعانيها ، وكأنه لم يجرِ بين يديها مداداًمن حبر !

وسط تلك الدهشة التي أحدثت فجوة كبيرة بينها وبين القلم وكأنه هو الهاجر والمجهور في آن واحد ، وفجأءة وبدون مقدمات انساب الحرف بين يديها لترسم حروفها بلا نكهة وبلا طعم ، على أي حال كان قراراً لتجاوز ذاك المذاق ( مذاق ملل الصمت) .

فقالت يا صديقتي مكثت فترة في عزل كورونا وكأنما وقعت في أسر اللاحياة أياماً معدودات ، فصفى ذهني ، واتقد فكري ، وقام عقلي ينبش في كنهه الأشياء ، ويتجول في متاهات الحياة وأسراها ليكتشف أن ثمة شيء صغير جداً قد يقلب الموازين ويبدل الأحوال ويقلب كيان العقل ، لقد بات الأمر وكأنه حالة من الذعر والفزع ، ذلك الجندي المجهول الذي قام يحارب جمال الحياة ونشوتها وحسنها وبهجتها ، ذلك الوباء الذي باء بكل سوء ولربما بخيرات لا ندركها !

يا صديقتي لم أشعر بطعم أي شيء في تلك الفترة !

كل الطعام ذو نكهة واحدة ، وكذلك المشروبات جميعها بنكهة واحدة كيف يمكن أن تعيش هكذا كل شيء له نفس النكهة ، كل شيء مفقود بعد أن كان موجود ، لكن السؤال هنا هل شكرنا الله عليه عندما كان موجودا ؟

ظلت الاجابة في حيرة من أمرها ، بهتت الألوان حتى بهتت الحروف وتبعتها المشاعر ، ومع كل ذلك الفقد الذي تسبب به كورنا ذلك الضيف المزعج ، وربما الضيف المُبصر الذي بصرنا بنعم كثيرة لم نحسن شكرها !

كم هي المرات التي مرت علينا الكثير من الأمور وفقدنا الاحساس بها وبنكهتها من سعادة أو إضافة فارهة أو نعمة تستحق الشكر ، كم هي المرات التي لم نستشعر فيها النعم حولنا ؟

إلى أي درجة أعاد هذا الضيف الثقيل ترتيب حياتنا وتنظيمها على نسق لم نستطيعه من قبل ، غير من أسلوب حياتنا إلى درجة لم نتوقع أن نصلها ، رب ضارة نافعة ، وسبحان مغير القلوب والأحوال .