لاءٌ في زمن النعمات ..



بقلم : نسيبة علَّاوي

أنا من اللذين يسلكون الدرب الموحش ويفضلونه على المكتظ.. ثمة غموض يجذبني للأشياء المختلفه ..”ليس بغرض خالف تُعرف ” و إنما لكل مختلفٍ لذة.

تناول غوستاف لوبون نظرية ثقافة القطيع، حيث انقياد الناس لقائد ما أو مؤثر ما مهما كان الضرر الواقع عليهم كبيرًا جرَّاء هذا الإنقياد .
وقد أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء من هذا فأخبر بإننا سنتبع آثار الأقوام الخالية و نقتدي بهم في كل صغيرة و كبيرة -إلا ما رحم الله- حتى في الاشياء التي لا منفعة فيها وضررها محقق علينا .

إذًا أنت في زمن من الصعب فيه جدًا أن تكون لاءً في وسط هذا الكم الهائل من النعمات ، و صعبٌ أن تكونَ ضدًا أمام كل هؤلاء الإمعات ، ستجدُ في كلِ رأيٍ لك حشدًا من المعارضين، المشككينَ في كل ما تعتنقه من أفكار قد استيقنتَ صدقها و وضوحها، ستجد نفسك وحيدًا – غالبًا -في كل مناهجك وقناعاتك وتأملاتك.. و إلى أن يثبتَ صحتها ستُتهم بشيء من كل شيء سيء كالجنون والعظمة وو النرجسية ، وهذا ما عانى منه الفلاسفة والأنبياء والمفكرين ودفعوا في سبيل اختلافهم هذا حياتهم و سكينتهم و أمانهم.

اليوم.. أصبح التناسخ والتقليد في كل النواحي جاريًا على قدمٍ وساق خصوصًا في مواقع التواصل الاجتماعي ، حيثُ تُقدم نفس الفكرة في قوالب عدة ، استعراض بعيد عن حياة أغلب الناس في مواضيع تهتم بالمظهر لا بالجوهر ، المختلف والراقي وذي الرسالة لا يُعرف إلا من النُخبة القليلة والبقية ما هم إلا نسخ تتسابق بجنون لتقديم الأبهر والأسطع والأتفه لمتلقي ناله النصيب الأكبر مما يقدم للأسف فانعكس عليه ذلك بعدم الرضا عن حياته والفراغ والتفاهه يملآنها وينضحان.

حقًا هذا زمن الغرباء حيث القابض على اختلافه كالقابض على جمره!!