اليوم العالمي للتلفزيون.. احتفاءً بذكرى انعقاد أول منتدى عالمي للتلفزيون في 1996م



يحل اليوم العالمي للتلفزيون في 21 نوفمبر من كل عام؛ والذي يحتفى به عالمياً إحياءً لذكرى عقد الأمم المتحدة أول منتدى عالمي للتلفزيون في يومي 21و 22 نوفمبر 1996م؛ وذلك اعترافاً بتأثير هذه الوسيلة الإعلامية على المجتمع بمختلف شرائحه، والذي غدا رمزاً للاتصالات والعولمة في العالم المعاصر؛ كوسيلة أساسية في إيصال المعلومة وتأثيره على الرأي العام.

ويعد التلفزيون أكبر مورد للمواد المصورة، ويتيح التفاعل بين وسائط البث الناشئة والتقليدية؛ لإذكاء الوعي بالقضايا المهمة التي تواجه المجتمع؛ موفرة أجهزة التلفزة الحديثة مجموعة واسعة من الوسائط المتعددة والمحتوى التفاعلي؛ بالتعايش مع التحول في استهلاك المحتوى السمعي البصري إلى منصات مختلفة والتطور التكنولوجي المستمر، ليصبح التلفزيون رمزًا للتواصل والعولمة في القرن الحادي والعشرين.

ووضعت المملكة بصمتها إدخال البث التلفزيوني إلى البلاد؛ إثر البيان الوزاري الذي ألقاه الأمير فيصل بن عبد العزيز “ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في ذلك الوقت”؛ في عام 1382هـ- 1962م؛ الذي أعلن فيه العزم على إدخال البث التلفزيوني إلى البلاد؛ ليقر مجلس الوزراء في عام 1383هـ- 1963م مشروعاً بإنشاء التلفزيون في المملكة على مرحلتين؛ الأولى بناء محطتين مؤقتتين في الرياض وجدة، والثانية إنشاء نظام تلفزيوني متكامل على أسس أكثر تطوراً.

وشهدت المملكة في 9 ربيع الأول من عام 1385هـ الموافق 7 يوليو 1965م؛ بدء البث الرسمي وخروج أول إشارة بث من محطتي الرياض وجدّة بالأبيض والأسود، وكان الإرسال على قناة واحدة؛ باسم قناة المملكة العربية السعودية، وكانت تغلق في الساعة 8 مساء، ثم توالى إيصال البث التلفزيوني إلى مختلف أنحاء المملكة.

وكانت من أبرز محطات التلفزيون تحوله من البث بالأبيض والأسود إلى الألوان، وهو الأمر الذي حدث في عيد الفطر من عام 1976 عبر التعاون بين المملكة وفرنسا وتبني نظام “سيكام 3 بي”، ومع دخول البث الملون، وصلت ساعات البث إلى 70 ساعة أسبوعياً، ثم زادت لأكثر من 100 ساعة خلال شهر رمضان المبارك وموسم الحج، ولعل أبرز محطات التلفزيون السعودي كانت عام 1972م؛ عندما نقلت مناسك الحج لأول مرة عبر شبكات الأقمار الصناعية إلى جموع المسلمين في شتى بقاع الأرض وقدر عدد الذين شاهدوا المناسك بنحو 700 مليون مسلم طبقاً لإحصاءات أجريت حول هذا النقل وقتها.

وشهد التلفزيون السعودي والإذاعة السعودية؛ نقله نوعية عندما أقر مجلس الوزراء في جلسته يوم الإثنين 7 رجب 1433هـ الموافق 29 مايو 2012م؛ بتحويلهما إلى هيئة عامة تحت مسمّى هيئة الإذاعة والتلفزيون لتصبح هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية؛ لتنتقل على إثرها القنوات السعودية الرسمية التابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وضمن الخطة التطويرية التي أقرتها وزارة الإعلام؛ للعمل بتقنية الـ HD ، على جميع الترددات والأقمار الاصطناعية المختلفة، وذلك لإعطاء الصورة شكلا أكثر وضوحا بتقنية ودقة عالية الجودة.

من جهته أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون محمد بن فهد الحارثي؛ أن مناسبة اليوم العالمي للتلفزيون تأتي للتأكيد على دور أحد أهم روافد مسيرة بناء ونماء منظومة الوطن؛ التي أسهمت في نقل الرسالة الإعلامية للمتلقي من خلال جميع مراحل التطوير التي شهدها من مسيرة نيرة تحت ظل القيادة الرشيدة؛ مشيراً إلى أن مسؤولية الهيئة الأساسية تكمن في تبني المواهب ودعم الكفاءات الوطنية مع تمكينها وتكريمها.

وبين في الوقت ذاته التزام الهيئة بأدوارها التكاملية مع الجهات الوطنية، لإثراء المنتج التلفزيوني عبر إطلاق الدورات البرامجية والتحولات الرقمية وتمكين السوق المحلي وتوفير وسائل الدعم فيه للوصول إلى مخرج تلفزيوني يليق بهذا الوطن، ويواكب مرحلة التحول التي تشهدها المملكة .

وأكد الحارثي على اهتمام الهيئة بتطوير كوادرها البشرية وفقاً لمتطلبات الميدان الإعلامي؛ سعياً لتلبية تطلعات المشاهد، وإثراء مكنونات المجتمع وهويته الثقافية، عبر محتوى متنوع اُختِيرَ بعناية وبأساليب بث وإنتاج بمعايير عالمية؛ بدعم واهتمام مباشر من مجلس إدارتها بقيادة معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان بن يوسف الدوسري.

ونوه بنجاح التلفزيون السعودي في إعادة ترتيب هيكلته الداخلية مؤخراً عبر تبني الهيئة لاستراتيجية تعتمد على التطوير المتوازي، انطلاقاً من أدوارها في إرضاء ذائقة المشاهدين؛ وتمكين سوق التلفزيون المحلي لإحداث بيئة تنافسية جاذبة للمهتمين، والإسهام في رفع الناتج الإعلامي المحلي؛ من خلال مختلف منصاته التي تنوعت بين الجانب الإخباري والدرامي بالإضافة للبعد الترفيهي، والبرامج الدينية، وبرامج الأسرة، وقصص التراث الشعبي؛ عبر مختلف المنصات التقليدية والحديثة، حيث تمتلك هيئة الإذاعة والتلفزيون أكثر من ثمان قنوات، وأكثر من 100 حساب على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى وجود منصة رقمية “الأولى”، وشراكة مع منصة “شاهد” لبث المحتوى إلى العالم العربي.

وحظيت الدورات البرامجية التي تقدمها الهيئة بطبيعة مختلفة؛ حيث ركزت في جوانبها الإنتاجية على البعد الإنساني والقرب من الجمهور بتقديم محتوى محلي وفق أعلى المعايير الدولية، لتنقل الرواية السعودية للعالم بطابعها الواقعي عبر برامج توثق مراحل الدعم والتطور الإنمائي الذي تعيشه المملكة؛ مثل: برنامج المشروع الذي ينقل جميع تفاصيل مشاريع المملكة، بالإضافة إلى برنامج إعمار الأرض وغيرها من البرامج التي توثق النماء والعطاء.

بينما تاريخياً تبرز عدد من البرامج التي ترسخ وتؤصل الإرث التاريخي للمملكة من خلال برنامج رجال عبدالعزيز بتسلطيه الضوء على من كانوا ذراعً أيمن للملك عبدالعزيز -رحمه الله – وأسهموا في تعزيز خطواته نحو توحيد البلاد، بجانب برنامج الديرة بطابعه التراثي والتاريخي الذي يوثق ثقافة وتاريخ المجتمع السعودي؛ فيما واصلت قناة الـ SBC مرحلة التجدد من خلال تقديمها حزمة من البرامج المتنوعة التي تستضيف النجوم والمشاهير في قالب ترفيهي وتثقيفي، والبرامج التوثيقية التي تسلط الضوء على بعض إنجازات المملكة في مختلف بلدان العالم، إلى جانب سلسلة ضخمة من الأعمال الاجتماعية والدينية والإنسانية لمواكبة مرحلة التطورات التي يعيشها المجتمع.

ولعل آخر سلسلة التطوير للمحتوى جاءت عبر قناة السعودية الآن التي تغطي جميع فعاليات ومناسبات المملكة بشكل مباشر، لمواكبة الحراك الفاعل الذي تشهده المملكة، بالتزامن مع الجهود الإخبارية والتقارير الصحافية المميزة لقناة الإخبارية التي حملت على عاتقها شغف إيصال رسالة المواطن للمسؤول وإيصال كل معلومة تهم المواطن إلى موقع تواجده دون تحمله عناء البحث عن المعلومة.

كما واكبت هيئة الإذاعة والتلفزيون التحولات التقنية المتسارعة في العالم؛ للوصول إلى ما يطمح له المواطن؛ بتقديم المحتوى الجيد، والتركيز على الإعلام المسؤول والعصري الذي يلبي مختلف الاهتمامات والأذواق؛ بما يتواكب مع التطور المتسارع الذي تعيشه المملكة في قطاعاتها كافة توافقاً مع رؤية 2030؛ حيث أطلقت مؤخراً خدمة البث الرقمي “DAB+” لضمان سهولة الوصول للمتلقي، بالإضافة إلى إطلاق مرحلة تطوير شاملة للأستوديو هات حيث فازت مؤخراً بجائزة “Broadcast pro2023” عن مشروع تطوير الاستديو الجديد كما تعمل على إطلاق أحد أكبر الأستوديو هات في المنطقة بما يتناغم ويتواكب مع مستهدفاتها التطويرية، بالإضافة إلى تفعيل الاستفادة من كافة استوديوهات المناطق عبر إتاحة استخدامها للمستفيدين وتشغيلها رقمياً توفيراً للطاقة والموارد، واتساقاً مع التوجه نحو التحول الرقمي الذي امتد ليصل إلى تسخير التقنيات لتعزيز جودة المحتوى واستثماره عبر تحسين المواد الارشيفية الثرية وإعادة تدويرها بما يحقق الفائدة لكافة المهتمين.