المتلوِّنُون .. بين النِّفَاق والخِدَاع!!
الكاتب | عبدالمحسن محمد الحارثي
مَنْ لا يفهم ؛ فهو ليس بِحُرٍّ ، وعادةً ما يكون لهؤلاءِ المتلونين حُضُوراً في المجتمع في الساحات والمساحات الإعلامية بشكل خاص ، والمناسبات بشكل عام ، يُغيِّرون مواقفهم وفق ما تمليه عليهم مصالحهم ، أهواءهم ، ومعتقداتهم ، قال جعفر الصادق – رضي الله عنه-:[ لا تُصاحب الجبان ، فإنَّهُ يُسْلِمُكَ ويفر عند الشِدَّة ].
لِنَحْذر من هؤلاءِ المتلونين بألوان الطيف السبعة ؛ لأننا لا نتوقَّع منهم أمراً إيجابيَّاً ، فهُم جسَّدوا مفهوم اللؤم ونكران الجميل والتمرُّد على من أحسن إليهم ، فعلينا الحذر منهم وإبعادهم عن مجتمعنا وعدم التعامل معهم بأي شكل كان ، ولذلك قال الإمام اِبن حيَّان :[ مودَّةُ الأشرار ، سريعٌ اِنقطاعها ، بطيءٌ اِتصالها].
النفاق الاجتماعي في زمننا ؛ هو التلوُّن في العلاقات بحسب الاحتياجات ، فإذا كان قانون الفيزياء ، يقول: إنَّ الضغط ؛ يُولِّد الانفجار ، فقانون الاجتماع ، يقول: إنَّ الضغط يُولِّد النفاق الاجتماعي ، قال الإمام اِبن حيَّان – رحمهُ الله- : [ العاقل لا يُصادِق المُتلوِّن ، ولا يواخي المُتقلِّب ].
المنافقون ما أكثرهم !! ستجدهم في كل مكان بأقنعة زائفة ، ابتسامات باهته ، وإطراء كاذب ، وقد تواطَؤُا على طمس الحقيقة ، تزيين الباطل ، والابتعاد بداعي الحياد ، وتحتَ جِلْد الضأن ؛ قلبُ الأذوب ، وهذا المثل يُضرب لمن يُنافق ويُخادع الناس ، قال الإمام عبد البر – رحمهُ الله-:[ أسرعُ الأشياءِ اِنْقِطاعاً ؛ مودَّةُ الفاسِق].
هذا المتلوِّن الشرير .. يُشبه العقرب ، لكنَّهُ سيُهْلَك كما تُهلك العقارب ، إمَّا دهساً ، أو سحقاً ، أو ضرباً ، فلِكُل أجل كِتاب ، ولِكُلِّ مُؤذٍ شرِّير يوم !!
يقول فيلسوف التشاؤم ” شوبنهاور” :[ ستجد أنَّكَ كُلَّما عِشْتَ أكثر ؛ شعرتَ بوضوحٍ أكبر أنَّ الحياةَ في مُجملِ الأمر ؛ خيبة أمل ٍ، بل خِداع ].
من صفاتهم المظهريَّة النفاق ، والخداع ، يُجيدون اللعب بالمشاعر ، ويحترفون التلون بكل ألوانه وأشكاله ، ويعتقدون أنَّ كُل ما يقومون به مهارة وحنكة وإنْ كان فيه غدر، خيانة ، خداع ، وزيف ، والعرب تقول :[ لن تبلغ في الأحمق ما بلغه في نفسهِ ، فقد كفاك نفسه]!!
من يستظل في ظِل سُلطة غيره ؛ كمن يمنح الحُريَّة والسلاح لجاهل ، وأغلب الناس عند السلطة ؛ يصيرون أشراراً ، كما قال ” أفلاطون”، والثمن الذي يدفعه الطيبون عندما يستغل الشرير “صاحب السلطة ” نفوذه ضدهم ، ودائماً ما ينخرط في سلوكيات خبيثة ، وعليكَ أنْ تدفع شر من أساء إليك ولم ينتهِ ؛ فلا بُدَّ أنْ تُعلِّق أمامهُ سوطاً ، وأنْ تُريهُ سيفاً في الغمد ، وإنْ لم يُؤثِّر فيه ؛ فعليكَ بإزالة الشوك كي لا يُدميك ، وسحق الأفعى كي لا تُؤذِيك !!
قال الشاعر:
وكُنْتُ جليس قعقاعِ شور…..ولا يشقى بقعقاعِ جليسُ
ضحوك السِّن إنْ نطقوا بخيرٍ ….. وعِندَ الشرِّ مِطْراق عبُوسُ !!
المُلاحظ أنَّ الناس الأشرار المتلونين ؛ يُشكلون -في الغالب- جبهة مُشتركة حتّى لو كانوا يكرهون بعضهم البعض ، بينما الناس الطيبون أكثر اِنقساماً ، ولهذا السبب بالذات هُم أكثر ضعفاً !!
كاتبُ هذا عملاقُ و شديد الذكاء في الالقاء ولا عزاء ولا بقاء للعقرب الجوزاء