وطني هِيَ أُمِّي !!
عبدالمحسن محمد الحارثي
الوطن والأُم لهُما قدسيتهما الخاصَّة ، ليست قابلة للنقاش والمساس .
اليوم الوطني 94 يُؤخذ كتاريخ لتوحيد البلاد ، تلك القصَّة الأسطوريَّة الحقيقية لجمع شمل شتات البلاد من شرقها ، غربها ، إلى شمالها وجنوبها ، والاحتفال بالهويَّة الوطنيَّة ومجتمعها الحيوي اللطيف واقتصادها المزدهر الفريد.. إنَّهُ وطن الطموح ، يستمد قوَّته من صوت الحق ، ويستأسد بثبات الموقف ، ويقوى بثقة القيادة .
هذه الثقة المُتبادلة بين الراعي والرعيَّة ؛ عززت الأمن ، وحافظتْ على سيادة الوطن ، وحققتْ الإنجاز ، التاريخ ، العُمق ، الاستمرار ، الحيوية ، الصحَّة ، والتعليم .
الوطن .. أمان ، كيان ، منزل ، فهو جوهرة ثمينة تتعلَّق بها روح المرء .. يقول هذا المرء : ( خُذوا المناصب .. والمغانم .. بس اتركوا لي الوطن).
ظَهَرَ مفهوم الوطن خلال العصر العباسي على لسان الشاعر ابن الرومي الذي قال عنه أنهُ بلد المنشأ ، بلد الصِّبا والشبيبة :
وطنٌ صحبت به الشبيبة والصِّبا …وألبست ثوب العُمر وهو جديد)
وقال أيضاً :
إذا ذكروا أوطانهم ذكَّرَتْهُم … عهود الصِّبا فيها فحنُّوا لذلكا .
في المنطقة الوسطى هضبة نجد التي تغنَّى بها كثير من الشعراء ، الأدباء ، والمثقفين .. وأوَّل من عبَّر عن مفهوم الوطن هُم الشعراء المهجَّرون ، وفي نجد قال الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله- : ( وهل مُعجم القوميَّة كلمة أظهر وأيسر من نجد دار العرب وملهمة الشعراء ومثابة الهوى).
إنَّها نجد بصحاريها وأوديتها وجبالها آسرة العربي ومستهويته ، من الشعراء ، الأدباء ، الرحَّالة ، والمؤرخين من قرونٍ مضتْ ، وأنا أقول فيها :
سلامٌ من صَبَا نجدٍ أجمُّ ….. وطيبٌ من زهر رياضها أعمُّ .
يتبلور مفهوم الوطن الحديث مع مفهوم الوطنية التي هي حُب الوطن الشجن الفطري ، فكل منطقة من مناطقها الواسعة الثلاثة عشر تحكي قصَّة لوحدها .