تُخْمَةُ المسْتَبْدِي بعد الفقر !!
عبدالمحسن محمد الحارثي
في فقرهِ ضحكتهُ تكاد تشقُّ فمه ، وفي غِناه وكأنَّ شِدقيه أُصيبت بشلل الوجه .. لايرى من أمامه إلا إذا كان من ذوي المال والأعمال .
هُم قِلَّة أولئك الضِّعاف ، فهم ضعاف نفوس ، يقول تعالى 🙁 إنَّ اللهَ يُحِبُّ العبد التقي الغني ) أي: غني النفس ، فمن الغني تتولَّد التُّخمة ، ومن التخمة يتولَّد الصَّلف لا الفقر يستطيع إذلال النفوس القوية ، ولا الثروة تستطيع أنْ ترفع النفوس الدنيئة ، فأنتَ غني أو فقير بشخصيتك لا بمالك .
النفاق الاجتماعي أحيآناً يُساعد المستبدي على هذا الصَّلف ، يقول الشاعر في ذلك :
إنَّ الغنيَّ إذا تكلَّمَ كاذباً ….. قالوا: صدقتَ وما نطقتَ مُحالا .
وإذا الفقيرُ أصاب قالوا: لم ….. يُصِبْ وكذبتَ يا هذا وقُلْتَ ضلالا !!
كأنَّ المالَ هو من يُقدَّر ، وليس صاحب المال ، فأينَما يوجد المال تجد التقدير .
الرجال الحقيقيون لا يرفعهم غِنى ولا يُنقصهم فقر ، فهم كالذهب دائماً مكانتهم معهودة وسمعتهم مشهودة.
المستبدي تجده وهو ينظر في المرآه يُنكر صورته ، ويبحث عن صورة جديدة ، ويسعى في تلميع هويته التي لم ولن تتغيَّر مهما حاول التغيير ؛ لأنَّ الحقائق لا يُمكن أنْ تغيرها المناسبات ولا تستبدلها بالريالات .
هكذا الإنسان الحُر .. أخلاقهُ لا تتغير في فقره وغِناه ، ولا يتصنَّع مكانة ليست بمكانته ، فالمكانة لا تُشترى بالدراهم ، ولا تُباع في سوق المستبدين !!
من يرغب في توطيد ذِكره ، فعليه أنْ يُطبِّق قوله تعالى 🙁 ومن كان غنيَّاً فليستعفف ، ومن كان فقيراً فاليأكُل بالمعروف ).