بين وهج الذكريات ..



إبراهيم العنزي

في زحام الحياة وضجيجها، ومع اقترابنا من مشارف الخمس والأربعون ، تتوهج الذكريات القديمة في أذهاننا كضوء خافت في ليلٍ هادئ، يمنحنا شعوراً بالسكينة والحنين. ماضٍ مضى لكنه ما زال يسكن في أعماقنا، يطل علينا من نوافذ الذكرى، يربّت على أرواحنا المتعبة، وكأنّه يقول: “ما زلت هنا… ما زلتُ الأجمل في حياتكم.”

الماضي .. طُهر الحياة وبساطتها

ذلك الزمن الذي عشنا فيه حياةً بسيطة، لم تكن تعقيدات الحياة قد غزت أيامنا، ولم يكن هناك صخب التكنولوجيا الذي باعد بين القلوب. كنا ننام باكراً ونستيقظ مع بزوغ الفجر، قلوبنا بيضاء، وأرواحنا نقية. نبحث عن الفرح في تفاصيل صغيرة، فلا تهمنا مظاهر الحياة، بل كانت القلوب هي التي تصنع السعادة.

رمضان .. حين كانت الليالي مضيئة بوهج الروح

حين كان رمضان يهلّ علينا، كانت أرواحنا تتوهج بفرحة لا تُشبه غيرها، وكأن الزمن يتوقف ليمنحنا لحظات لا تُنسى.

كانت الليالي تنبض بالحياة، نترقب مدفع الإفطار بشغف، نجتمع حول المائدة، وأعيننا تلمع بفرح اللقاء قبل أن تلمع برؤية الطعام.

كنا نتسابق للصلاة، ننتظر التراويح وكأنها مهرجان روحي، ونشعر بأن رمضان هو هدية السماء إلينا. لم يكن هناك ملل أو فتور، بل شوق لكل لحظة فيه، فرحة لم يسرقها الزمن، ودفء لم يعرف البرود.

اليوم .. الحقيقة المرّة

أما اليوم، فنعيش واقعًا مختلفًا، أصبحنا نكبر ونرى أن الحياة ليست كما كانت. فقدنا الكثير من الأحباب، رحل آباؤنا الذين كانوا لنا الأمان والسكينة، وتركوا فراغًا لا يُملأ. تبدّلت العلاقات، وغابت تلك اللمة الجميلة، وأصبح كلٌّ مشغولًا بحياته، ولم يعد هناك وقتٌ للماضي أو للذكريات.

لكن رغم قسوة الواقع، يبقى الماضي أجمل محطة في حياتنا، نعود إليه كلّما ضاقت بنا الدنيا، نسترجع صوره وكأنها فيلم يعيد نفسه أمام أعيننا، نشعر بالحنين، وقد تدمع أعيننا شوقًا لأولئك الذين غادرونا، ولكننا ندعو لهم بقلوبٍ مطمئنة: “رحم الله والدينا وأسكنهم فسيح جناته.”

وختامًا .. بين الذكريات والواقع

نحن لا نملك تغيير الزمن، ولا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لكننا نستطيع أن نعيش الحاضر بقلوب ممتلئة بالحب والتسامح، أن نزرع الخير في أبنائنا كما زرعه آباؤنا فينا، أن نحافظ على ما تبقى من الودّ، وأن نكون نحن امتدادًا لذلك الماضي الجميل، حتى وإن بدت الحقيقة مرّة، سنظل نحتفظ بذكرياتنا ككنزٍ لا يضيع، وكوطنٍ نلجأ إليه حين تضيق بنا الحياة.


    • 7 أشهر ago

    اللي ما له اول ماله تالي من نكون لولا ذكرياتنا و ماضينا الجميل الذي لن يتكرر
    ابدعت أ/ ابراهيم العنزي

    • 7 أشهر ago

    ما اجمل كلماتك شكرا لك

    • 7 أشهر ago

    ابداع وكان الكاتب يسرد قصه جميله بكل تفاصيلها بإحداثها الجميله والمؤلمة أخذنا معه في رحلة عبر الزمان .

    • 7 أشهر ago

    عاد بنا سريط الذكريات مع هذا المقال الذي لامس مشاعرنا و اقعنا

    • 7 أشهر ago

    الحنين وجعٌ عشوائي لا يستأذن من أحد. لا شيء أوجع من الحنين للأيام التي مضت، وولت. يعود بي الحنين، والهدوء إلى ذكريات لا تعود أبداً. عندما يتصل بك ماضيك، ويقول بأنّه مشتاق لك، أقفل بهدوء، وانس الحنين له، واذهب وضم الحاضر بسرعة.

    • 7 أشهر ago

    في الماضي حنين رغم قسوة الحياة
    حياتهم كانت بسيطة و متشابهة
    توفر الزاد واجتماع الأبناء تحت سقف واحد
    هذا ثراء

    شكرا لك استاذنا على هذا الطرح الجميل

    • 7 أشهر ago

    نحتاج لتلك الذكريات حينما تأتي من بعيد، بعد وقتٍ طويلٍ من يذكرنا بھا، ويسترجعھا معنا ومن يرمز إليھا، يعود بي الحنين، والهدوء إلى ذكريات لا تعود أبداً. طرح جميل 💐

    • 7 أشهر ago

    نعم انه الزمن الجميل بريشه المبدع الأستاذ إبراهيم تحياتي لك

    • 7 أشهر ago

    أحسنت ابو بشير

    هذه هي الحياه البقاء الاقوى وهانحن لم تتغير مبادئنا سليمه
    بل هي الحياه مجرات ودروب لابد ان نكافح لنشقى وان نصبر لنبقى والبقاء لله رب العالمين

    • 7 أشهر ago

    وفقك الله أبا بشير

    • 7 أشهر ago

    مبدع باحساسك

    • 7 أشهر ago

    مشاء الله كلام جميل ذكريات جميلة ربي يحفظك العمر كله ليك يا ابرهيم

    • 7 أشهر ago

    استرجعت لنا الذاكره وكنا نظن اننا قد نسينا ولاكن كل حرف كتبته يترجم مابداخلنا ونعود للماضي وياخذنا الحنين على عتباته ويسلط الضوء على كل لحظه مضى بها ركبان العمر
    تحياتي لك

    • 7 أشهر ago

    الكلمات كلها طوع قلمك وإحساسك الرائع
    مبدع عساك ماتشوف شر

    • 7 أشهر ago

    مقال جميل بارك الله فيك

    • 7 أشهر ago

    ومازال الحنين يراودنا. ومانجح مسلسل الاعشى الااا لانه لامسً الماضي والحنين اليه فمقالك اليوم فعل بنا مافعله شارع الاعشى. مانحن الا جيل مرهف الاحساس طيب القلب ذو نية حسنه. رفقاً بنا 💔

    • 7 أشهر ago

    تحياتي لك اخوي ابراهيم ..

    كأن أيام الطفولة مضت كالبرق .

    مع شروق الشمس وذبول أوراق الأمس ..

    أتمنى لك السعادة .

    • 7 أشهر ago

    مبد الي المزيد من الإبداع والتقدم والازدهار والنجاح الدائم عسي الله يسعدك

    • 7 أشهر ago

    مبدع الي مزيد من التقدم

    • 8 أشهر ago

    أما اليوم، فنعيش واقعًا مختلفًا، أصبحنا نكبر ونرى أن الحياة ليست كما كانت.

    فعلا صحيح
    ونشكرك أستاذ إبراهيم على الطرح الجميل فالمقال لون بالإبداع الذي يتسم بالجمال 🌺

    • 8 أشهر ago

    كانت ولازلت وستبقى الاميز..

    • 8 أشهر ago

    طرح ممتاز وذكريات جميله وحزينه. مازالت عالقه بالذاكره. لم تمحوها السنين. بارك الله فيكم

    • 8 أشهر ago

    مقال جميل وحزين بنفس الوقت. جمع ذكريات الطيبين البسيطه والجميله التي مازالت بالذاكره لم تمحوها السنين. طرح جميل وممتاز

    • 8 أشهر ago

    نستطيع أن نعيش الحاضر بقلوب ممتلئة بالحب والتسامح

    الله يا ابراهيم العمر كله أن شـــاء الـلـه

    • 8 أشهر ago

    لافض فوك

    • 8 أشهر ago

    😔

    • 8 أشهر ago

    إلا ليت الشباب يعود يوما مبدع استاذ ابراهيم في الصميم

    • 8 أشهر ago

    يرحل الزمان بكل تفاصيله المؤلمة أم المفرحة وبقى ذلك الحنين الذي يتوهج سهامه في حنايا قلوبنا منها ماهو معلق على جدران الحب ونزاهة الأيام ومنها من يرحل لا استأذان تاركاً تساؤلات ربما لا أجد لها أجوبة فكانت كأسراب وستبقى كأسراب في وهج الذكريات

    • 8 أشهر ago

    ابداع و حروف من ذهب تم صياغتها الي كلمات ثم تم صياغة الكلمات الي جمل مفيدة
    لله درك

    • 8 أشهر ago

    😭
    كانك تتحدث عن لسان كل من عاش تلك الفترة وعاش الحظات الجميلة
    فإنك يا أستاذ إبراهيم أرجعتنا في ثانية إلى الماضي الذي فقدنا أحبابنا. وحلاوة الحظات الجميلة.
    رحيم الله موتانا وموتا المسلمين. 😭جعلهم الله في الفردوس العلى من الجنة وجمعنا الله بهم في نعيم الجنة
    وجزاك الله خيرا يا إبراهيم

    • 8 أشهر ago

    مقال جميل ومميز فيه نعيد الذكريات ونقف للتأمل موضوع تشكر عليه بارك الله فيك

    • 8 أشهر ago

    المقالة تلامس مشاعر الحنين للماضي بجمال بساطته ودفء تفاصيله، لكنها تعكس أيضًا واقعًا مختلفًا نعيشه اليوم. صحيح أن الزمن تغيّر، لكن لا يجب أن يكون الحنين قيدًا، بل دافعًا لنصنع لحظات دافئة ونحافظ على القيم الجميلة، فالحاضر هو ذكريات المستقبل.
    شكراً لقلمك و مشاعرك التي لامست مشاعرنا و نقلتنا الى ذلك الزمن

    • 8 أشهر ago

    مبدع اخوي إبراهيم

    • 8 أشهر ago

    مبدع يابوبشير كالعاده وشكرا على المقال استمتعنا بقراته

    • 8 أشهر ago

    رحلت بنا إلى الماضي مبدع كعادتك

    • 8 أشهر ago

    مقال جميل يا استاذ ابراهيم
    رحم الله الزمن الجميل وأهله..

    • 8 أشهر ago

    الله يوفقك مبدع طول عمرك حتى في اراك وعناوينك شيقة ممتازة استمر الله يوفقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating


مواضيع ذات صلة بـ بين وهج الذكريات ..

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الراية الإلكترونية © 2018 - 2025

تصميم شركة الفنون لتقنية المعلومات