حين يؤلمنا الغياب ..

إبراهيم العنزي 

هناك لحظات في العمر تعجز الكلمات عن احتوائها، وتبقى مشاعرها عصيّة على البوح… واليوم أكتب وأنا مثقل بحزن الفقد، أكتب عن رحيل غالي لن ننساه هو ابو مشعل محمد دالش العنزي .

لقد كان أبو مشعل، رحمه الله، رجلًا لا يشبه سواه، صادق العشرة، كريم الخُلق، طيب القلب… كان كالغيث أينما حلّ، يُنبت الفرح في القلوب، ويزرع الأمل في النفوس .

قاتل مرضه بقلب مؤمن، ونفس صابرة… واجه الألم بابتسامة لم تغب، وبثبات يليق بالرجال الكبار ، وحين جاءه قدر الله، رحل مطمئن القلب، طيب الذكر، عزيز المقام.

إخوة الراحل الأوفياء أبو نايف، أبو فيصل، وعبدالرحمن… يا من كنتم له ظهرًا وسندًا، يا من لم تغيبوا عن جواره في أيام ضعفه، ولم تتركوه في وحشته، اعلموا أنكم أديتم الأمانة خير أداء ، لقد كان أبو مشعل يذكركم دائمًا بالخير، ويفخر بكم بين أصحابه.

أنتم اليوم لستم وحدكم في هذا المصاب، نحن جميعًا معكم، قلوبنا تدمع معكم، وألسنتنا تلهج بالدعاء لكم بالصبر والسكينة ، واعلموا أن ما قدّمه أخوكم من مواقف ومحبّة، سيظل حيًّا في القلوب، وستحفظه الألسن جيلاً بعد جيل.

فلتكن عزيمتكم كما عرفناكم… كبار القلوب، عظماء في الصبر، ولتذكروا أن الموت حق، وأن الأثر الطيب هو الباقي… وقد ترك أبو مشعل من الأثر ما يُثلج القلوب رغم مرارة الفقد .

أما أنت يا مشعل، يا فلذة كبد والدك، يا من سيرى الناس فيك ملامح أبيك، سر على خُطاه، وكن كما كان يتمنى لك… رجلًا يُشار إليه بالبنان، كريم النفس، عالي الهمة، صادق الوعد. واذكر دومًا أن والدك رحل بجسدِه، لكن روحه ستبقى ترافقك ما حييت.

اليوم أنتَ وريث اسمه، ورافع رايته، ومسؤول عن إرثه الطيب سر في دربه، وكن امتدادًا له في كل خُلق حسن وفي كل موقف رجولي والدك كان يتمنى لك أن تكون رجلًا تفتخر به الأجيال… فاجعل من ذكراه دافعًا لك نحو المجد.

نحن هنا إلى جانبك، وسنظل كذلك… فأنت لست وحدك، وكل من أحبّ أبا مشعل سيقف معك ويشدّ من أزرك .

لنا أن نحزن… نعم. لكن لنا أيضًا أن نفخر أن الله جمعنا برجلٍ كأبي مشعل… ولنا أن ندعو له، ونسير في الحياة نحمل ذكراه الطيبة، ونتذكّر أن اللقاء في جنان الخلد بإذن الله هو الوعد الحق.

رحمك الله رحمةً واسعة يا أبا مشعل، وأسكنك فسيح جناته، وألهمنا وأحبابك جميعًا الصبر الجميل .

وإنا لله وإنا إليه راجعون.