اِبِنْ دريويش .. البداية والنهاية

عبدالمحسن محمد الحارثي
قبل قرن من الزمان ، وبالتحديد في أوائل القرن العشرين الميلادي ؛ عاش شيخ المال والأعمال الشيخ عبدالله بن دريويش كغيره من الرجال في تلك الحُقبة من الزمن عِيشة يسودها المشقَّة والتعب والشُّح الشديد خاصةً في الأرياف ، هذه الحُقبة التي شهدت حربين عالميتين ” الأولى والثانية ” .
بعد منتصف القرن العشرين كانت الحرب الباردة بين قُطبي القوى الكُبرى في العالم ” الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفيتي ، وكان لبروز التقنية والتكنولوجيا فيها ؛ أثراً بامتياز .
انتقل اِبن دريويش في مقتبل شبابه إلى الحاضرة وترك البادية ، وبدأت قريحته الفكرية تتفاعل مع كل ما حوله من أحداث ، فرأى نفسهُ قادراً على الإنجاز والتغيير والتعبير عن خبايا ذاته ، فكان شيئاً مذكورا.
خلَّد اِسمهُ في عالم المال والأعمال كأحد تُجَّار العقار في المملكة العربية السعودية والخليج والعالم العربي والدولي ؛ كماركة مُسجَّلة وعلامة حياتية باقية ، بفكر عصامي ، وتدرُّج سريع متجرِّد ، فنال ما نوى من علوم التجارة والعقار واِكتسب مهاراتها ونال منها مبلغ المنصب والجاه ، إنها عزيمته في القرار والاختيار والاختبار .
هذهِ القيمة الذاتية المُتجرِّدة لابن دريويش في البداية لم تطُل كثيرا ً، بل ألبسها لباس القيمة الذاتية المُضافة ، كونهُ عرف الله حق المعرفة ، فكان إنساناً مكرماً و مُفضَّلاً من قبل الله عزَّ وجل ؛ فأضاف إليها قِيَم الجود والكرم والإحسان وعتق الرِّقاب ، وتلك طبيعة من كرَّمهُ الله وأعطاه ، وأعطى من عطايا الرَّب ولم يبخل.
في قِصَّة الشيخ عبدالله بن دريويش – رحمه الله تعالى- عبرة وعِظه ، الذي رزقهُ الله أنْ يضرب في الأرض ليأتي له المال ، على غرار قِصَّة نبي الله أيوب – عليه السلام- الذي أمرهُ الله أنْ يضرب الأرضَ بِعصا أو بِغُصن ؛ ليخْرُج الماء ، فنحنُ بين أهميَّة الأسباب وقانون السبب والنتيجة .
اِبن دريويش وصل إلى أبعد ممّا يظن في نفسهِ قادراً عليه ، وهذا فضلٌ من الله يؤتيه من يشاء من خلقه.
اِشتغل مع نفسهِ ، وترك اِنشغاله بالناس ، فلا حسد لِأحد .
فتَّشَ في ذاتهِ فوجد الوفرة في ملكوت السموات والأرض طالباً اللهُ عزَّ وجل أنْ يزيده من فضله .
كان رحمهُ الله عظيماً. ، فهو دائماً مستعد للعفو والتسامح والتغافل عن الذين أساءوا إليه ، ويُؤمن بمقولة : إذا قابلت الإساءة بالإساءة فمتى تنتهي الإساءة ؟!!
من عادته الكرم والسَّخاء ، فأصبحت جُزءاً من حياته اليومية .
رحم الله “بارون ” العقار وأحد عباقرته ، وأجزل إليه الرَّب موفور الأجر وعظيم الأثر .