السعودية تقود العالم من أجل “قضية فلسطين”
د.سهام سوقية
في وقت فقدت فيه كثير من العواصم العربية الأمل في الحراك الدولي الحقيقي في المحافل الدولية من أجل فلسطين استمرت المملكة العربية السعودية في التقدم وتابعت باصرار وثقل وقوة ودفعت بقضية فلسطين إلى صدارة المشهد الدولي في ملف يُعد من أكثر الملفات حساسية .
لم يكن الحضور السعودي رمزياً ولا مجرد دعم معنوي بل كان ضغطاً استراتيجياً مباشراً أعاد ترتيب المواقف الدولية وأطلق موجة جديدة من الاعترافات بدولة فلسطين في عواصم غربية كبرى لم تكن يوماً قريبة من هذا الخيار .
ففي يوليو 2025 قادت المملكة العربية السعودية بالشراكة مع فرنسا مؤتمر دولي رفيع المستوى في مقر الأمم المتحدة هدفه المعلن كان “إحياء حل الدولتين” عُقد المؤتمر وأصدر إعلاناً يطالب بدعم حل الدولتين ووقف فوري لإطلاق النار بينما قاطعته الولايات المتحدة وإسرائيل لكن ما جرى فعلياً كان إطلاق خطة سياسية غير مسبوقة لدفع المجتمع الدولي نحو الاعتراف بدولة فلسطين كعنصر أساسي في أي سلام عادل.
الوفد السعودي طرح ورقة شاملة تتضمن :
– التزام دولي واضح بالاعتراف بدولة فلسطين.
– ربط الاعتراف بوقف العدوان على غزة.
– التأكيد على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
دول كبرى رضخت للضغط السعودي وبفعل هذا التحرك المباشر من المملكة العربية السعودية بدأت دول كانت ترفض الاعتراف بفلسطين تعيد حساباتها السياسية ومن أبرز هذه التحولات:
فرنسا: أعلنت نيتها القوية للاعتراف بدولة فلسطين قبل نهاية سبتمبر 2025.
كندا: للمرة الأولى في تاريخها أعلنت دراسة جدية للاعتراف.
بريطانيا: لوحت بالاعتراف إذا لم يتحقق تقدم ملموس خلال الأشهر القادمة.
مالطا: أعلنت دعمها الكامل للاعتراف وتنسيقها مع السعودية وفرنسا.
إسبانيا – أيرلندا – النرويج – سلوفينيا :
أعلنت بالفعل اعترافها الرسمي في مايو 2025 واعتبرت المؤتمر السعودي الفرنسي خطوة حاسمة في ترسيخ الاعتراف.
لا تطبيع بلا دولة فلسطينية
في ظل موجة تطبيع إقليمية تقودها حسابات مصلحية وقفت السعودية موقفاً واضحاً لا لبس فيه :
(لا تطبيع مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية)..
هذا الموقف الثابت للمملكة العربية السعودية أعاد ضبط الإيقاع السياسي في المنطقة وأجهض مشاريع كانت تسعى إلى إنهاء الملف الفلسطيني عبر تطبيع غير مشروط إن ما تقوم به السعودية اليوم لا يقتصر على دعم سياسي بل هو تحول نوعي في هندسة القرار الدولي :
– كسر احتكار واشنطن لدور الوسيط الوحيد وفتح الباب أمام مقاربات دولية متعددة يقودها التحرك السعودي الفرنسي المشترك.
– إضعاف الرواية الإسرائيلية في المنابر الغربية.
– فرض خطاب عربي جديد يقوده العقل وتدعمه المصالح الاستراتيجية لا الشعارات.
السعودية تقود العالم من أجل فلسطين من خلال التأثير السياسي التي تمتلكها الرياض والثقل الدبلوماسي الذي يحرك دولاً كبرى نحو خطوات فعلية والقدرة على الربط بين الاعتراف بفلسطين ومسارات الأمن والاستقرار الإقليمي نجد أن ماتفعله السعودية اليوم ليس ترفاً دبلوماسياً بل هو معركة سيادية بحجم الأمة.



