رحيل مفتي الأمة .. وداعاً للشيخ عبد العزيز آل الشيخ

د.سهام سوقية

فقدت المملكة العربية السعودية ومعها الأمة الإسلامية واحداً من أعلامها الكبار ورجالها الأفذاذ بوفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس البحوث العلمية والإفتاء بعد مسيرة أكثر من ربع قرن في منصب المفتي وعقود في العمل العلمي والدعوي .

لقد رحل الشيخ الجليل وهو يحمل في قلبه همّ الإسلام والمسلمين تاركاً وراءه تراثاً من الفتوى والوعظ والفهم الصحيح للدين عرفه القريب والبعيد بفتاواه وخطبه المؤثرة فمنذ أن تولى منصب المفتي العام عام 1999 خلفاً للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله  ظل صوتاً راسخاً  متمسكاً بثواب الشرع وأساس الدين وسنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام .

عالم من بيت العلم والدعوة

ولد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عام 1943 في أسرة آل الشيخ العريقة أحفاد الإمام محمد بن عبد الوهاب فكان استمراراً لمسيرة علمية ممتدة ورغم فقدان بصره في شبابه إلا أن عزيمته لم تلِن بل جعلت منه مثالاً على أن البصيرة أعمق من البصر وأن نور العلم أهدى من ضياء العين .

منبر عرفة وصوت الأمة

عرفه المسلمون حول العالم من خلال خطب يوم عرفة التي ألقاها في مسجد نمرة على مدى 33 عاماً متواصلة حيث كان صوته يذكّر الحجاج بمقاصد الشريعة ووحدة الأمة كانت تلك اللحظات مزيجاً من الخشوع والرهبة ومنبراً يربط ملايين الحجاج بالقيم العليا للإسلام.

حصن ضد التطرف والانحراف

لم يتردد الشيخ في مواجهة الفكر المتطرف والجماعات المنحرفة فدان الإرهاب وفضح من ينتحل اسم الجهاد لتبرير القتل والتدمير كان ثابتاً في دعوته إلى الحق وثواب الدين رافضاً أن يُستغل الدين مطية للغلو أو الانحراف لقد مثل صمام أمان للمجتمع ومرجعية يستند إليها الناس في زمن كثرت فيه الفتن كان رجل دين ومسؤولية تجاه الوطن والأمة الإسلامية مؤمناً بأن العلماء ركن أساس في بناء الدولة والمجتمع .

إن رحيل المفتي ليس نهاية قصة بل بداية عهد جديد من المسؤولية على العلماء والدعاة وطلبة العلم .. ليكملوا المسيرة التي خطها بمداد الحكمة والثوابت إن وفاته تذكير لنا جميعاً بأن الأمة لا تنهض إلا بتمسكها بالعلماء وبأن صوت الحق هو ما يحفظ وحدتها ويصون مستقبلها برحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ نودّع عالماً جليلاً ورمزاً وطنياً شامخاً ونستودعه الله الذي لا تضيع ودائعه نسأل الله أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأن يسكنه فسيح جناته .