وأنا كذلك … كان أبي
بقلم الأستاذة / مشاعل آل حريول
لماذا دائما نقدم أنفسنا بغيرنا ؟
لماذا نحرص على كسب الإحترام من الآخرين على حساب شخص آخر ، حتى وأن لم نكن جديرين بهذا الشئ ؟
لماذا نتمادى في فكرة … أنا أبن فلان أو أخ فلان ، أو قريب فلان ، أو حتى صديق فلان ؟
لماذا لا يأتي ذلك اليوم الذي نقول أنا فلان ، مؤهلاتي كذا ، وأعمل كذا وكذا ؟ لماذا نبدأ دائما بالغير في تعريف أنفسنا ؟
قد يكون ذلك من دواعي الفخر ، وأمر يستحق الذكر ، لكن لنجعله في تلك الحدود ، ولا يكون على حساب أشياء أخرى نفقد من خلالها روح ( الأنا ) وما تحمله من كيان يفيض بكل ما هو جدير بالاحترام والتقدير .
لعل ما قادني لكتابة هذا الموضوع ما أراه من تخبط وجهل في المفاهيم الصحيحة لإثبات الذات فللأسف يوجد في مجتمعنا شريحة ليست بالقليلة تعاني من هذا القصور الفكري والثقافي ، وتعيش على مقولة ( كان أبي ) .
نعم ، كان أبيك .. وكان أبي أنا أيضا ، لكن لنجعل ذلك حافزا يدفعنا للأمام ولإكمال مسيرة ، وليس عنوانا وشعارا نلوح به في كل مناسبة ، لجني الأرباح بعد ذلك !!
فقط من هم في نفس التفكير سيجد القبول من الآخر ، وسيظل التمجيد قائما بينهم ، ضاربين عرض الحائط النقلة الزمنية الهائلة في كل شئ ، والتي لا تؤمن إلا بمقولة ( من أنت … أنت فقط ) ليصحو بعد ذلك على صدى أصواتهم ليس بجانبهم أحد !!
فيا ترى ، إلى ماذا تحتاج هذه المشكلة كي نتجاوزها ؟ إلى منهج دراسي يضاف إلى مناهجنا أم توعية ثقافية ( تطوعية ) تنقذ من هو غارق في الماضي ، وتحثه على مسابقة الزمن ، ليترك له بصمة فالحياة تكون سببا في نجاح الكثير من بعده ؟
أم نتجاهل الأمر ، والوقت كفيل بإيقاظ النائم ، وتعليم الجاهل ، ووضع بعض المصطلحات في مكانها الصحيح ؟
لا أعلم … ولكن لعل الاحتمال الأخير هو الأنجح ، لأنه متى ما أدرك الإنسان بأنه بحاجة إلى نفسه وليس له خيار آخر ، فانه لن يصحو فقط بل سيظل مستيقظا طوال حياته .
وإذا كانت لديه القناعة بأن ( الأنا ) هي وحدها سر نجاحه ، فليتأكد أن محطات الحياة ستمنحه الكثير والكثير مما يريد .
وهاهو المتنبي يشاركني الرأي بقوله :
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي
وبنفسي فخرت لا بجدودي .