علاج طبي واعد …غرسة دماغية تغيّر حياة امرأة تعاني من الصرع والوسواس القهري



غرسة دماغية صغيرة يبلغ قطرها 32 ملم، بمثابة ثورة علمية، غيّرت بشكل جذري حياة امرأة تعاني من الوسواس القهري في الولايات المتحدة، فهذه المرأة البالغة 34 عاماً هي أول شخص يُزَوَّد بجهاز صغير مماثل بالحجم لضمادة صغيرة في الجزء الخلفي من دماغها، مما قلّص من اضطرابات الوسواس القهري لديها ونوبات الصرع التي كانت تشكو منها.

بعدما كان الوسواس القهري يتحكّم بحياة آمبر بيرسون التي كانت تغسل يديها حتى تنزف أو تعيد التحقق عدة مرات من أنّ النوافذ مغلقة أو تتناول الطعام بمفردها خوفاً من الإصابة بأي عدوى، باتت هذه التصرفات مجرّد ذكريات لها بفضل هذه الغرسة الدماغية.

تقول بيرسون التي تقيم في ولاية أوريغون غرب الولايات المتحدة “تحسّنت حياتي اليومية وبتّ حاضرة فيها، وهذا أمر مذهل”، مضيفةً ” قبل ذلك، كنت محاصرة باستمرار داخل ذهني ومنشغلة في هواجسي”.

فبعدما كانت اضطرابات الوسواس القهري الحاد تستهلك ما يصل إلى “ثماني أو تسع ساعات” من يومها، مما يتسبب في عزلتها اجتماعيا، باتت هذه الاضطرابات تأخذ نحو ثلاثين دقيقة فقط في اليوم بعد زرع الغرسة الدماغية.

كانت قبل خلودها إلى النوم، تتأكد من أنّ الأبواب والنوافذ مغلقة، وتمديدات الغاز غير مشغّلة والكهرباء مفصولة عن الأجهزة.

وخشية الإصابة بأي عدوى، كانت تستحمّ في كل مرة تهتم بقطتها، وكانت تغسل يديها جيداً لدرجة أن تصبح مفاصلها جافة وتنزف. وغالباً ما كانت تفضّل تناول الطعام بمفردها لا مع أفراد عائلتها أو أصدقائها.

كيفية عمل الغرسة الدماغية

ترسل الغرسة نبضا كهربائيا عندما ترصد ردود أفعال غير طبيعية في دماغ المريض لاستعادة الأداء الطبيعي. وتُستخدم هذه التقنية التي تسمى التحفيز العميق للدماغ منذ أكثر من 30 سنة لعلاج الصرع.

لكن دورها في الحد من اضطرابات الوسواس القهري كان لا يزال غير مفهوم بشكل جيد ويقتصر على الأبحاث التجريبية.

خضعت المرأة لعملية زرع “جهاز للوسواس القهري والصرع، وهو الجهاز الوحيد في العالم الذي يعالج هذين المرضين” في الوقت نفسه، على ما يؤكد

في هذا السياق، أكد جرّاح الأعصاب أحمد رسلان الذي لا يزال مندهشا من نتائج مريضته، أن بيرسون خضعت لعملية زرع “جهاز الوسواس القهري والصرع معاً، وهو الجهاز الوحيد في العالم الذي يعالج هذين المرضين”.

أما بيرسون فهي مَن اقترحت الفكرة على الفريق الطبي. لأنه رغم استئصال قسم من دماغها بسبب إصابتها بالصرع الدائم، كانت لا تزال تعاني من نوبات عنيفة من الوسواس القهري، مما جعل الأطباء يرغبون في زرع غرسة لها لمحاربة هذا المرض المقاوم.

لتصميم الجهاز، راقب الأطباء نشاط دماغها من خلال إعطائها مثلاً مأكولات بحرية، وهي أحد أنواع الأطعمة التي تسبّب لها التوتر. وقد أتاح لهم ذلك تحديد “العلامات الكهربائية” المرتبطة بالوسواس القهري.

يقول الطبيب الجرّاح في هذه التجربة أن الغرسة مبرمجة “لإحداث تحفيز فقط عندما ترصد هذه الإشارة”. وفيما يعالج أحد البرامج الصرع يتولى الآخر معالجة اضطرابات الوسواس القهري.

كان على بيرسون الانتظار ثمانية أشهر قبل أن تلاحظ التغييرات الأولى في تصرّفاتها، حين صرّحت بأنها “باتت سعيدة مجددا ومتحمسة للخروج والعيش حياة طبيعية والتواجد مع أصدقائها وعائلتها الذين انقطعت عنهم لسنوات”.

تشكل هذه العملية مصدر أمل للمصابين باضطرابات الوسواس القهري كما تحظى الغرسات الدماغية عموماً باهتمام متزايد في إحداث ثورة في عالم الطب تتيح معالجة أمراضٍ مستعصية مثل الشلل أو فقدان البصر.