البلوك العقلي : تقنية نفسية لحماية نفسك من الأشخاص المزعجين



ثريا الشهري

كما وعدتكم سابقًا في مقالة (مصاصو الطاقة وفخ العلاقات الزائفة) بأنني سأكتب لكم عن (البلوك العقلي) فهذا هو المقال الذي يشرح هذا المفهوم المهم بأسلوب عملي وخطوات واضحة وبسيطة.

(البلوك العقلي) مصطلح له أكثر من معنى، أحيانًا يُقصد به حالة الجمود أو التعطل الذهني التي تعرقل الإبداع أو التفكير الحر، وأحيانًا يُقصد به بعض المعتقدات الموروثة التي تقيدنا،لكن في هذا المقال سأتناول معنى آخر عمليًا وواقعيًا: ( البلوك العقلي) كأداة نفسية واعية لحماية نفسك من الأشخاص المزعجين أو السلبيين الذين تضطر إلى التعامل معهم وجهًا لوجه.

هنا يصبح ( البلوك العقلي ) مهارة مهمة لحماية سلامك الداخلي، لتتمكن من متابعة حياتك وأعمالك بأقل قدر من الاستفزاز والتأثر.

( البلوك العقلي ): في هذا السياق هو مصطلح مجازي يعني قبل أن تذهب للقاء الأشخاص المزعجين أو السلبيين والذي لامفر من لقاءهم لسبب او لآخر؛ تضع حاجز نفسي داخلي يمنع هذا الشخص الآخر المزعج أو السلبي من التأثير عليك، خاصة عندما تضطر لسماعه أو التعامل معه مباشرة، هذا الحاجز النفسي الداخلي يمنعك من التفاعل السلبي مع شخص معين رغم وجوده حولك. فهو مهارة في إدارة الذات: أن تتعلم كيف “تفصل” سمعك الداخلي وعاطفتك عمّا يقوله أو يفعله.

البلوك العقلي ليس مجرد تجاهل ظاهري أو تظاهر بالصلابة بينما من داخلك عكس ذلك، بل تقنية ذهنية واعية تساعدك على خلق مسافة نفسية صحية، وكأنك تغلق نافذة على ضجيج مزعج من الخارج حتى تستطيع التركيز في حياتك بصفاء.

ببساطة، هو مهارة تجعلك قادرًا على التواجد مع شخص مزعج دون السماح لكلماته أو سلوكه أو طاقته بأن تخترق عالمك الداخلي وتزعجك أو تستفزك أو توترك وهو تدريب عقلي عميق على حماية حدودك الذهنية والعاطفية دون صدام أو عداء.

ومن نتائج اتقان مهارة استخدام البلوك العقلي أن الانسان يصبح قادرًا على الحد من التوتر والضغط العصبي خاصة في المواقف المتكررة أو العلاقات المفروضة عليه.

ويساعد على إبقاء العلاقات الضرورية ضمن حدود صحية فهو مثالي للعلاقات الأسرية أو العملية التي لا يمكن قطعها تمامًا سواء من الناحية الدينية أو من ناحية العمل مثلا.

ويدعم الحفاظ على التوازن النفسي؛ حيث يمنع استنزاف طاقتك في جدالات أو انفعالات غير ضرورية.

ويوفر الجهد العقلي فلا تهدر التفكير في شخصيات لا يمكن تغييرها
ويعمل على تعزيز النضج العاطفي، وتطوير قدرتك على التحكم في نفسك بدلًا من محاولة تغيير الآخرين.

بالبلوك العقلي أنت تحافظ على هدوئك الداخلي. وتقلل من الاستفزاز والغضب، وتركز على الأهم فتصبح قادرًا على إنجاز مهامك رغم وجود شخص صعب.

خطوات تطبيق «البلوك العقلي»
١- حدد نيتك وهدفك.
اسأل نفسك: لماذا أريد عمل بلوك عقلي لهذا الشخص؟ ضع نيتك بوضوح.
٢- افصل بين الشخص و رأيه:
ذكر نفسك دائمًا: (آراؤه تخصه، تمثله هو، لا تعرّفني أنا، وذكّر نفسك أن ما يُقال يعكسهم لا يعكسك.)
٣- تخيل حاجزًا :
قبل مقابلته -كما ذكرنا سابقًا- تخيل جدارًا شفافًا أو فقاعة أو بلورة تمنع وصول كلماته إليك.
٤- ركز على تنفسك :
أثناء الحوار، ابقَ منتبهًا لأنفاسك لتمنع تشتت انتباهك أو استفزازك.
٥- ردود مختصرة ومحايدة:
لا تدخل في جدال. استعمل عبارات مثل: (تمام)، (حسنًا) (صح عليك)… الخ
٦- غيّر تركيزك بعد اللقاء:
بعد اللقاء لا تعيد كلامه في ذهنك، فور انتهاء الحديث او اللقاء حوّل انتباهك إلى شيء إيجابي وانتقل مباشرة لممارسة شيء إيجابي.
٧- راجع نفسك مراجعة ذاتية:
بعد كل موقف، راجع نفسك لكن دون استغراق: هل حافظت على هدوئي؟ ما الذي تحسن؟ وأين يمكنني التطور أكثر؟

(البلوك العقلي) بمعانيه المختلفة أداة مهمة في حياتنا اليومية. فهو يساعدنا على تحرير أفكارنا من القيود، وكسر أنماط التفكير السلبي، والأهم – المعنى الذي قصدناه في هذا المقال – حمايتنا من التأثر بالأشخاص المزعجين والسلبيين الذين لا نستطيع دائمًا تجنبهم.

في النهاية، يارفاق نحن لا نتحكم بمن حولنا، لكننا نتحكم في حدودنا وردود أفعالنا، لسنا مسؤولين عن كل من نلتقي بهم، لكننا مسؤولون عن حدودنا الداخلية.. ومع التدريب، يصبح (البلوك العقلي) أسلوبًا ناضجًا لحفظ سلامنا الداخلي، لنعيش علاقاتنا بذكاء ونواصل حياتنا بصفاء.


5 /5
Based on 3 ratings

Reviewed by 3 users

    • 3 أشهر ago

    شكرا لك كاتبتنا المبدعه
    دائما ملهمه و صاحبة اثر طيب

  • عبير الجهني

    واو واو طرح قوي وشرح عملي ؛ حولتي البلوك العقلي من مفهوم عابر إلى فن حقيقي لحماية النفس، كلامك مُلهم ويدفع لتطبيقه فورًا لحفظ السلام الداخلي.

    • 3 أشهر ago

    كلام مهم ومهارة عقلية نحتاج إليها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating


مواضيع ذات صلة بـ البلوك العقلي : تقنية نفسية لحماية نفسك من الأشخاص المزعجين

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الراية الإلكترونية © 2018 - 2025

تصميم شركة الفنون لتقنية المعلومات