حراك سعودي أميركي يُعيد رسم خريطة التأثير في الملف السوري
ثريا الشهري :
في هدوء بدا أشبه بنبض الصحراء، تحرّكت الرياض وواشنطن بخطى واثقة نحو مشهد سياسي جديد، صنعت فيه الرياض عاصفة نتائجٍ لم تكن تخطر على بال أحد.
من خلف الأبواب المغلقة، وداخل دهاليز السياسة الدولية، ظهرت مؤشرات على تفاهم نادر بين عاصمتين تختلفان في أسلوب المقاربة، لكن تلتقيان في إدراك التعقيد الإقليمي.
في لحظة كثيفة بالرمزية، وقف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب وجهًا لوجه. لم يكن مجرّد بروتوكول سياسي عابر، بل لحظة تكثّف فيها التاريخ، لحظة تقاطعت فيها المصالح وتفاوتت فيها الرؤى، لكنها انتهت إلى تقاطع محوري أعاد توجيه البوصلة السياسية.
فبين أوراق تُناقش، واتفاقات محسوبة بمليارات الدولارات، ومحادثات طويلة عن الأمن والاقتصاد، ظهر خيط رفيع من التفاهم حول أهمية إعادة النظر في أدوات الضغط التقليدية. وبينما تمسكت واشنطن لسنوات بالعقوبات كأداة استراتيجية تجاه دمشق وغيرها من الدول؛ بدأت ملامح تحول تدريجي بالظهور، بتأثير مشترك من مبادرة الرياض واستجابة واشنطن. التدخل السعودي كان إعلانًا مدروسًا عن تحول في قواعد اللعبة، رسمته المملكة برؤية سياسية تجمع بين الحنكة والبصيرة.
المبادرة السعودية التي أسقطت العقوبات الأميركية عن سوريا، لم تأتِ وليدة مجاملة سياسية، بل كانت امتدادًا لرؤية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ترى أن لا استقرار للمنطقة ولا ازدهار للداخل دون إحلال الاتزان في الخارج.
لقد كان التحرك السعودي تثبيتًا لحقيقة جديدة: أن الرياض من خلال أدواتها السياسية وتجربتها العريضة، أثبتت أن العقلانية ليست ضعفًا، بل أقوى أشكال التأثير.
فما حدث مشهد جديد في رواية سعودية طويلة، تُكتب فصولها برؤية تتجاوز اللحظة، وتغزل تفاصيلها من رؤيتها المستقبلية تغزلها من خيوط الطموح . لقد وضعت المملكة الاستقرار والازدهار هدفًا، والمبادرة والحيوية نهجًا، والإقناع أداة، فجعلت من دبلوماسيتها نموذجًا في عالم يفتقد التوازن.
وهاهي سوريا قد عادت ، بخيطٍ نقي، نسجته يدٌ سعودية، أرادت للكيان العربي أن يُرمَّم لا أن يُفرّق. بهذا التحرك، ترسّخت صورة المملكة كمركز قرار لا يمكن تجاوزه، ومحور اتزان حين تميل الكفّة.
هكذا، تُبنى الدول لا بضجيج الشعارات، بل بعقلٍ يصنع الممكن من رحم المستحيل.
عبير الجهني
مبدعة ثريا ، مقالتك فخر بحد ذاتها ، أسلوبك يشد والانتماء ينعكس في كل سطر ، فخورة فيك وبالسعودية اللي دايم تبهرنا ، تناسق الفكرة و الحدث و الطرح إبداعي ليس غريب عنك.