مصاصو الطاقة وفخ العلاقات الزائفة



ثريا الشهري 

في حياة كلٍّ منّا، ثَمَّة أشخاص ، لا يلوّحون بسكاكين الغدر، ولا يأتون على هيئة أعداء، بل يأتون في هيئة ودودة، يختبئون خلف ابتسامة وملامح هادئة، يقتربون بخطى ناعمة، ثم يبدأون في سحب طاقتك دون أن يتركوا أثرًا سوى خدرٍ داخليّ لا تدري كيف بدأ، ولا متى.

مصاصو الطاقة، هم أولئك الذين يدخلون حياتك باندفاع مشاعري وغمر عاطفي ، ويخرجون منها بعد أن ينهكوك، يسرقون نورك، ولا يتركون لك سوى رماد التبرير والخذلان. يجيدون التمثيل، ويتقنون فنون اللوم، ويمارسون الابتزاز العاطفي بمهارة .

كيف نعرفهم؟
يصعب أحيانًا اكتشافهم، ولكن ثمة علامات لا يخطئها الإحساس:
تشعر بالإرهاق والضيق بعد كل تواصل معهم، وكأنهم ثقب أسود يبتلع نورك.

قد يقللون من نجاحك، ويشعلون الشك في قدراتك.او على النقيض من ذلك قد يكون الحال أنهم يبالغون كثيرا في إظهار الحب لك والاحتفاء بك.

يضعون أنفسهم في موضع الضحية دائمًا، ويحمّلونك مسؤولية مشاعرهم.
يخلقون دراما مستمرة، ويلبسون ثوب الاحتياج المفرط كوسيلة للسيطرة.

هؤلاء ليسوا دائمًا أعداء، قد يكونون أصدقاء، أحبة، زملاء، أو حتى أفرادًا من العائلة. وهنا يكمن الفخ… فهم لا يحملون لك خنجرًا، بل يتكئون عليك حد الانهيار.

كيف نتعامل معهم؟
أول خطوة للخلاص هي الوعي. أن تُصدّق إحساسك، أن تثق في ذلك الصوت الداخلي الذي يصرخ حين يُستهلك نورك.

ضع حدودًا واضحة: الحدود ليست قسوة، بل هي حماية و صيانةٌ مستمرة لسلامك، والوضوح في وضع الحدود مهم.

تعلم قول “لا” دون شعور بالذنب: فالطاقة التي تمنحها بلا حساب، ستعود إليك مُعدمة.

مارس الانفصال العاطفي الواعي: لا تسمح لأحد أن يسكن رأسك بعد انتهاء الحديث. او تدرب على ما يسمى ( البلوك العقلي) قد اكتب في موضوع البلوك العقلي مقالة لاحقا!

اختر دائرتك بوعي ( اصنع بيئتك وادع فيها من تشاء واسمح لمن يشبهونك بأن يدعوك لبيئاتهم ): فالروح لا تُجدد في بيئة تستنزفها.

إنهم ليسوا أعداء، لكن قربهم ينهكك، وكلماتهم تُربك بوصلتك، واحتياجهم يبتلعك حتى لا تعود تعرف أين تبدأ وأين تنتهي.

كل علاقة لا تتركك خفيفًا بعد لقائها، تستحق مراجعة. وكل شعور بالذنب يُفرض عليك لأنك اخترت نفسك، ليس حبًا، بل قيدًا.

الجميل في الأمر، أن استعادة طاقتك ممكنة. لكنها تبدأ حين تتوقّف عن قربهم على حساب نفسك.

نحن لم نُخلق فارغين، ولكن نُصبح كذلك عندما نُبقي على علاقات مريضة ؛ لذا يا قارئي العزيز ، ليست كل مرافقة دفء، وليست كل علاقة حب، وأحيانًا… النجاة أجمل من الحضور.

فاسأل نفسك الآن: هل هذه العلاقة تُضيف إلى روحك؟ أم تستنزفها بصمت؟


5 /5
Based on 3 ratings

Reviewed by 3 users

  • حسن الشهومي

    بعض الناس لا يأتونك كأعداء، بل كأحباب، يبتسمون ويقتربون بود، لكنهم يسرقون طاقتك على مهل، ويغادرون بعد أن يخلّفوا فيك خدرًا وارتباكًا.

    هم ممثلون بارعون، يجيدون اللوم والابتزاز العاطفي، يدخلون حياتك كمنقذين، ويخرجون منها لصوص، تاركينك تبرّر خذلانهم.

    فاحذر، ليس كل ودّ صادق، وبعض القلوب المبتسمة لا تحمل دفئًا، بل نوايا باردة تستهلكك ثم ترحل

    • 3 أسابيع ago

    مقال رائع جداً يلامس الواقع كثيراً
    ‎دمت أيتها الراقية ودام نبض قلمك عاطراً مزهراً وفقك الله.🌹

    • 3 أسابيع ago

    دائماً مبدعه حفظ الله إبداعتك يا كل الطاقة الجميلة أنت .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating


مواضيع ذات صلة بـ مصاصو الطاقة وفخ العلاقات الزائفة

https://a.top4top.io/p_3387cgp6g0.png

جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الراية الإلكترونية © 2018 - 2025

تصميم شركة الفنون لتقنية المعلومات