سهام الليل ..



بقلم | نسيبه علّاوي

أتهزأُ بالدعاء و تزدريه.. و لا تدري بما فعل الدعاء
سهام الليل لا تُخطي و لكن .. لها أمدٌ و للأمدِ اقضاء

الشافعي

إذن هي سهامٌ تُرمى فتُصيبُ في مقتل ، و هي ابتهالات حارة لك أو عليك ، فلا تعجل -في لحظة غضب- فتُصيب نفسك أو ولدكَ أو متاعك أو شخصًا أزعجك بدعاءٍ لربما صادف أبواب السماء مفتَّحة فاستُجاب فيشقيكَ و يشقيهم طول العمر ، و استبدل هذه العادة المقيته المنتشرة في مجتمعنا بالدعاء بالهداية و الصلاح، فلا تنطق إلا خيرًا دعاءًا و قولا.

تقول أمٌ لإمام غطت شهرته الآفاق و ارتبط صوته بروحانية رمضان عند المسلمين : كان ابني من الشباب الطائش المضيع لفروضه حتى بلغ مني الضيق مبلغه ،فألهمني الله الدعاء له عند بيته العتيق و عند كعبته، فوالله ما لبث إلا أن انقلب حاله و أصبح من أئمة المسلمين و ما ذلك إلا بفضل الدعاء .
فسبحان من إذا طلبته أعطاك و من إذا ناديته لبَّاك ، إنه سلاح فتَّاك في يد الإنسان، مغير الأقدار و مقارعها فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :”و إن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء ، فيعتلجان إلى يوم القيامة ” فتحرى أوقات الدعاء و الإجابة و تيقن غلبة دعاءك على البلاء بإذنه تعالى ،و كم من هم قادك إلى محرابه ساجدًا داعيًا منيبًا، و يا فرحة قلب العبد و هو يرى تحقيق أمانيه أمامه مثل عين الشمس.

روى الداعية بانعمة ما حدث له قبل سنوات طويلة في بركة السباحة عندما كذب على والده بشان أنه لا يدخن وهو في الواقع كان يدخن، وقد استجاب الله إلى دعوة والده الذي قال له الله يكسر رقبتك يا عبدالله إن كنت تدخن، وخصوصا أن هذا الفعل الذي أنكره هو حرام شرعا،و قد كُسرت و أصابه شلل كلي إلا لسانه فكان الحادث-على ما به من أسىً- سببا لأن يتوب و يكون داعية . و قد ورد أن الله استجاب ليوسف حين قال:”و السجن أحب إلي” و لو دعى بغير السجن لاستجاب.

و أخيرًا فإن الإنسان موكول بمنطوقه، و قد رأينا محنًا و حروبًا وقعت على شعوب كثُرت فيها دعاوي الشر على بعضهم البعض و أُخذت عادة في الكلام فأصبحت حالا و واقعا محققًا فيهم كقولهم” تقبرني” و “يخرب بيتك” و “حمى تسلقك” فقبروا أولادهم و دُمرت بيوتهم بالحروب و انتشرت الأمراض و الحمى فيهم رفع الله عنهم البلاء و شافاهم، و هداهم و هدانا إلى الطيب من القول.