سُورِيَا الجديدة.. غسل الدَّم بالماء !!



عبدالمحسن محمد الحارثي

سُوريا الجديدة اليوم أشبه بالآتي من الدَّم بالماء .. هكذا منطق العُقلاء ، الحُكماء ، وذوي الخِبْرة .

إنَّ نُقطة التحول في سُوريا الجديدة كانت يوم أغلقت الإدارة الجديدة كل الملفات ، وأجبرتني على القراءة في كُل مفردات الخبرة، التجربة ، الاختيار ، الاستشارة ، الاعتبار ، الانتقام ، الحذر ، الاتِّقاء ، الريبة ، الانتفاع ، العزيمة ، و الإرادة .

المتشائم السوري لا يرى من الحياة السورية إلا ظلَّها ، والسبيل والصواب للبدء هو التوقف عن الكلام والبدء في العمل ، فإنْ حار أمرُك في شيئين ولم تدرِ حيثُ الخطأ والصواب ؛ فخالف هواك ، فإنَّ الهوى يقود إلى ما يُعاب كما قال الشافعي .

السؤال الذي في رأسي ، هو :
هل سيكُون رأس سُوريا كمقبض الباب ، يستطيع يديرها كُل من يشاء ؟!
أعتقدُ جازماً .. أنَّ السوريين يعملون بقوله تعالى (ولا يُنَبُّك مثل خبير ) وقول رسوله الكريم  (لا يُلدغ المؤمن من جُحرٍ واحدٍ مرتين).

يقول ” أوفيد” (من سبق لهُ أنْ غرِقَ ؛ يرتجف أمام الأمواج الهادئة ).
وهُنا لنا وقفة بين الخوف والرجاء ، الخوف من المستقبل ، والرجاء ممن تحمَّل مسؤولية هذا الشعب المغلوب ؛ أنَّه عندما يبدو لكم تحقيق الهدف مُحال ؛ لا تغيِّرُه ، بل غيِّر طريقة عملك لتحقيقه ، واتكئ على العروة الوثقى ، يقول تعالى ( يوم تُبلى السرائر ) وقولهُ( إنَّا من المجرمين منتقمون ) واعمل بقوله تعالى 🙁 فإذا عزمت فتوكَّل على الله ).

في المشهد السوري ؛ نَحنُ أمام مراحل رئيسة ثلاث : التأسيس ، التسيير ، والتسييس .

ما بين التأسيس والتسيير علاقة الوجهين للعُمْلة الواحدة ، فهي مرحلة إعادة البناء للإنسان السوري والجُغرافية السورية بكل مناحيها المدارية والاجتماعية ، وإصلاح المُجرم لا الاقتصاص منه ؛ هو هدف العدالة في سوريا الجديدة ، فالانتقام عدالة الهمجيين كما قال فرانسيس بايكون.

من خلال متابعتنا في قناة العربية للمقابلة التي تمَّت مع رئيس الإدارة الانتقالية ” أحمد الشرع ” ، وما احتوته من مانشتَّات جوهرية جديرة تُشير إلى أنَّ الإدارة الانتقالية السورية تملك إرادة نصف الطريق ، ومن لهم مثل هذهِ الإرادة ؛ فلهُم القُوَّة ، فلا مُستحيل عند أهل العزيمة ، وقد يكون مع المُستعجل الزلل ، لذلك هُم على دراية بكل المشاهد من حولهم ، وسيعملون وفق سياسة المراحل الثلاث التي ذُكرت أعلاه ، وهي ما تحتاج إلى خطة خمسيَّة على أقل تقدير .

هُم يعتبرون بمن مضى قبلهم ، ولن يكونوا عِبرة لمن سيأتي بعدهم ، وكأنِّي بهم يُطبقون قول : أبو عُبيدة بن الجرَّاح حينما قال : ( تعلَّم من أخطاء الآخرين ).

لقد أعاد السوريون الشاعر ميمون بن قيس الملقب بـ«الأعشى»، وأحد فحول الشعراء في العصر الجاهلي إلى الواجهة السورية ، بعد رحيله قبل 15 قرناً، حينما قال :
لا تقطعنَّ برأيِ نفسك واستشرْ….. من ذاق أحوال الزمان ومارسا !!